ثامنا : مريم الطاهرة تيسر السكر والعربدة لليهود في العرس


ثامنا : مريم الطاهرة تيسر السكر والعربدة لليهود في العرس

لقد ذكر يوحنا في روايته لحياة المسيح قصة مشتهرة جدا في المسيحية ، هي عرس قانا ، أحد الأعراس التي دعي فيها المسيح وأصحابه ، وكانت أمه موجودة فيه ، ففي هذا العرس ذكر يوحنا-كاتب الإنجيل- تفاصيل يتعجب أصحاب
العقول وذوي الفطر السليمة منها ، يقول يوحنا : (وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت ام يسوع هناك * ودعي ايضا يسوع وتلاميذه الى العرس * ولما فرغت الخمر قالت ام يسوع له ليس لهم خمر * قال لها يسوع ما لي ولك يا امراة لم تات ساعتي بعد * قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه )[1] ، ففي هذا النص عدة مسائل :
1-            كرم مريم عليه العذراء مع المدعويين ، وتلبية احتياجاتهم.
2-    أن هذه المرأة التي اصطفاها الله عز وجل من بين اليهود هي من تأتي المحرمات كالخمر ، ليس ذلك فحسب ، بل وتيسره لباقي اليهود في هذه العرس.
وهنا نسأل : أليست هذه دعوة لاستباحة المنكرات التي حرمتها اليهودية ، والتي تنتمي لها مريم عليها السلام؟!
أهذه المرأة التي تدعون عليها خدمة أهل العرس بتقديم الخمر لها ، وأمر ابنها بمعاونتها في تجهيز الخمر ليست هي من اصطفاها الله على العالمين في العقيدتين الإسلامية والمسيحية؟!
إن هذا الكلام لا يخرج من مشكاة التكريم والتعظيم لهذه المرأة ، وإنما يخرج من مشكاة الطعن فيها ، والطعن فيها لا يخرج إلا من جاهل معتوه لا يعي ما يكتب ، أو من يهودي ينطلق من الطعن فيها ويرغب في دس هذه الأفكار في الكتاب المقدس من أجل التحريف.
3-            عيسى وعقوق الوالدين بين القرآن والكتاب المقدس
فأي عقوق بعد قول ولد لأمه في حضور أصحابه الذين يمثل هو لهم القدوة ، وهم ينتظرون الأقوال والأفعال الصادرة منه ليقتفوا أثرها ، فيقول المسيح لأمه : "ما لي ولك يا امراة لم تات ساعتي بعد"؟!
إننا كمسلمين نبرأ من هذا الكلام ، ونبرئ عيسى عليه السلام من هذا الأسلوب الذي يمثل قمة العقوق في حوار المرء لأمه ، فقد برأه الله عز وجل من العقوق ، وكان أول ما تكلم عيسى به في المهد ما ذكره الله عز وجل في قوله تبارك وتعالى : (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا)[2] ، والبر حسن الخلق مع كافة الخلق ، فكيف بمن حمل المرء في بطنها أياما وليال وعانت بسببه ، وأرضعته من ثديها ، وتعبت معه حتى شب كبيرا ، أيكون هذا جزاؤها في المسيحية ، أليس الكتاب المقدس يقول : (اكرم اباك وامك واحب قريبك كنفسك) [3] ، فهل خالف المسيح ما كان يستشهد به من العهد القديم من بر الوالدين؟!
هذا ما ننفيه عنه ونقول أنه كان بارا ولم يكن جبارا شقيا بأمه ، بل كان متبعا للمنهج الإلهي في معاملة الوالدين ، من إكرامهما وحسن صحبتهما ، هذا المنهج الذي بينه النبي في سنته ، فقد روى الإمام البخاري من حديث أبي هريرة أنه قال : (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : ( أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أمك ) . قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أبوك ))[4].
فهذا هو المنهج الأخلاقي للأنبياء ، منهج يحث على حسن الخلق ، وهذا ما يوافق النقل والعقل والفطرة ، بخلاف أهل الجهل والهوى الذين طمست فطرهم ، وضلوا في هذه الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.



[1] -يوحنا (2: 1-5)
[2] -مريم (30-32)
[3] - متى (19: 19)
[4] -البخاري (5971)

0 commentaires:

إرسال تعليق